الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.الخبر عن ولاية أبي محمد عبد الله بن أبي محمد بن الشيخ أبي حفص وما كان فيها من الأحداث. لما هلك المخلوع وولي العادل ولى علي أفريقية أبا محمد عبد الله بن أبي محمد عبد الواحد وولى على بجاية يحيى بن الأطاس التينمللي وعزل عنها ابن يغمور وكتب إلى السيد أبي زيد بالقدوم وكتب أبو محمد عبد الله إلى ابن عمه موسى بن إبراهيم بن الشيخ أبي حفص بالنيابة عنه خلال ما يصل فخرج السيد أبو زيد في ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وستمائة واستقل أبو عمران موسى بأمر أفريقية واستمرت نيابته عليها زهاء ثمانية أشهر وخرج أبو محمد عبد الله من مراكش إلى أفريقية.ولما انتهى إلى بجاية قدم بين يديه أخاه الأمير أبا زكريا ليعترضه طبقات الناس للقائه فوصل إلى تونس في شعبان من هذه السنة بعد أن أوقع في طريقه بولهاصة وكان أولاد شداد رؤساؤهم قد جمعوا لاعتراضه بناحية بونة فسرح أخاه الأمير أبا زكريا لحسم دائهم ولخروج الطبقات من أهل الحضرة للقائه فكان ذلك وخرج في رمضان من سنته وخرج معه الناس على طبقاتهم فلقوه بسطيف ووصل إلى الحضرة في ذي القعدة من آخر السنة وتزحزح أبو عمران عن النيابة ثم لحقه من المغرب أخوه أبو إبراهيم في صفر سنة أربع وعشرين وستمائة فعقد له على بلاد قسطيلية وعقد لأخيه الأمير أبي زكريا على قابس وما إليها وذلك في جمادي من هذه السنة.وبعد استقرار بتونس بلغه أن ابن غانية دخل بجاية عنوة ثم تخطى كذلك إلى تدلس وأنه عاث في تلك الجهات فرحل من تونس وعقد لأخويه كما ذكرناه وأغذ السير إلى فحص أبة فصبح به هوارة وقد كان بلغه عنهم السعي في الفساد فأطلق فيهم أيدي عسكره واعتقل مشايخهم وأنفذهم إلى المهدية ثم مر في اتباع ابن غانية فانتهى إلى بجاية وسكن أحوالها ثم إلى متيجة ومليانة فأدركه الخبر أن ابن غانية قصد سجلماسة فانكفأ راجعا إلى تونس ودخلها في رمضان سنة أربع وعشرين وستمائة ولم يزل مستبدا بإمارته إلى أن ثار عليه الأمير أبو زكريا وغلبه على الأمر كما نذكر..الخبر عن ولاية الأمير أبي زكريا ممهد الدولة لآل أبي حفص بأفريقية ورافع الراية لهم بالملك وأولية ذلك وبدايته. لما قتل العادل بمراكش سنة أربع وعشرين وستمائة وبويع المأمون بالأندلس بعث إلى أبي محمد عبد الله بتونس ليأخذ له البيعة على من بها من الموحدين وكان المأمون قد فتح أمره بالخلاف ودعا لنفسه قبل موت أخيه العادل بأيام فامتنع أبو محمد ورد رسله إليه فكتب بذلك لأخيه الأمير أبي زكريا وهو بمكانه من ولاية قابس وعقد له على أفريقية فأخذ له البيعة على من إليه وداخله في شأنها ابن مكي كبير المشيخة بقابس واتصل ذلك بأبي محمد فخرج من تونس إليهم ولما انتهى إلى القيروان نكر عليه الموحدون نهوضه إلى حرب أخيه وانتقضوا عليه وعزلوه وطير بالخبر إلى أخيه في وفد منهم فألفوه معملا في اللحاق برحاب بن محمد وأعراب طرابلس فبايعوه ووصلوا به إلى معسكرهم وخلع أبو محمد نفسه ثم ارتحل الأمير أبو زكريا إلى تونس فدخلها في رجب من سنة خمس وعشرين وستمائة وأنزل أخاه أبا محمد بقصر ابن فاخر وتقبض على كاتبه أبي عمرو طرا من الأندلس واستكتبه أبو محمد فغلب على هواه وكان يغريه بأخيه فبسط الأمير أبو زكريا عليه العذاب إلى أن هلك ثم بعث أخاه محمد في البحر إلى المغرب فاستبد بملكه واستوزر ميمون بن موسى الهنتاتي واستقامت أموره..الخبر عن استبداد الامير أبي زكريا بالأمر لبني عبد المؤمن. لما اتصل به ما أتاه المأمون من قتل الموحدين بمراكش وخصوصا هنتاتة وتينملل وكان منهم أخواه أبو محمد عبد الله المخلوع وإبراهيم وأنه أشاع النكير على المهدي في العصمة وفي وضع العقائد والنداء للصلوات باللسان البربري وإحداث النداء للصبح وتربيع شكل الدرهم وغير ذلك من سننه وأنه غير رسوم الدعوة وبدل أصول الدولة وأسقط اسم الإمام من الخطبة والسكة وأعلن بلعنه ووافق بلوغ الخبر بذلك وصول بعض العمال إلى تونس بتولية المأمون فصرفهم وأعلن بخلعه سنة ست وعشرين وستمائة وحول الدعوة إلى يحيى ابن أخيه الناصر المنتزي عليه بجبال الهساكرة ثم اتصل به بعد ذلك عجز يحيى واستقلاله فأغفله واقتصر على ذكر الإمام المهدي وتلقب بالأمير ورسم علامته به في صدور مكتوباته ثم جدد البيعة لنفسه سنة أربع وثلاثين وستمائة وثبت ذكره في الخطبة بعد ذكر الإمام مقتصرا على لفظ الأمير لم يجاوزه إلى أمير المؤمنين وخاض أولياء دولته في ذلك حتى رفع إليه بعض شعرائه في مفتتح كلمة مدحه بها:فزحزحهم عن ذلك وأبي عنه ولم يزل على ذلك إلى آخر دولته. .الخبر عن فتح بجاية وقسنطينة. لما استقل الأمير أبو زكريا بالأمر بتونس وخلع بني عبد المؤمن ونهض إلى قسنطينة سنة ست وعشرين وستمائة فنزل بساحتها وحاصرها أياما ثم داخله ابن علناس في شأنها وأمكنه من غرتها فدخلها وتقبض على واليها السيد ابن السيد أبي عبد الله الخرصاني بن يوسف العشري وولى عليها ابن النعمان ورحل إلى بجاية فافتتحها وتقبض على واليها السيد أبي عمران ابن السيد أبي عبد الله الخرصاني وصيرهما معتقلين في البحر إلى المهدية وأجريت عليهما هنالك الأرزاق وبعث بأهلهما وولدهما مع ابن أوماز إلى الأندلس فنزلوا بأشبيلية وبعث معهما إلى المهدية في الاعتقال محمد بن جامع وابنه وابن أخيه جابر بن عون بن جامع من شيوخ مرداس عوف وابن أبي الشيخ بن عساكر من شيوخ الدواودة فاعتقلوا بمطبق المهدية وكان أخوه أبو عبد الله اللحياني صاحب أشغال بجاية فصار في جملته وولاه بعدها الولايات الجليلة وكان يستخلفه بتونس في مغيبه وفي هذه السنة تقبض على وزيره ميمون بن موسى واستصفى أمواله وأشخصه إلى قابس فاعتقل بها مدة ثم غربه إلى الإسكندرية واستوزر مكانه أبا يحيى بن أبي العلا بن جامع إلى أن هلك فاستوزر بعده أبا زيد ابن أخيه الآخر محمد إلى أن هلك.
|